كلفيان: أرفض أن أرسم دمار بيروت
لندن – جويس منصور:
مسيرة الفنان التشكيلي أندريه كلفيان غنية بالإبداع والنجاحات والانتشار… رسم لوحات تراثية، ورسم معها خطاً فنياً أوصله إلى التميز، وبات إذا لم يوقع اسمه فالمضمون والأسلوب يشيران إليه.
اشتهر خاصة برسم الأبواب والشبابيك، التي فتحت أمامه أبواب وشبابيك الشهرة العالمية. صاحب قضية هي الوطن بعين وريشة فنان مرهف، فأوصل قضيته بآلاف المشهديات والألوان التي تحمل حنيناً جارفاً إلى الوطن، وبشائر أمل وفرح.
1- أندريه كلفيان كيف تسير أمورك في ظل وضع لبنان الحالي؟ هل تأثرت أعمالك؟
كان تأثير هذه المرحلة بالنسبة إليّ سلبياً، لأني أحب اللقاء مع الناس والتفاعل معهم، ومشاهدة تفاعلهم مع فني. فاستعنت بمواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت في تقريب المسافات بين الناس رغم الحجر الصحي.
وقد استغللت هذه الفترة لإنجاز المزيد من الأعمال الفنية، رغم أنّ الطلب داخل لبنان نادر حالياً، بسبب الأوضاع الاقتصادية الراهنة، فالناس باتت بالكاد قادرة على تأمين أساسيات الحياة. أمّا بالنسبة لمتذوقي فني في الخارج، فالطلب على اللوحات استمر لكن بإيقاع أبطأ نتيجة لجائحة كورونا.
2- العديد من الفنانين قبل أندريه كلفيان رسموا المواضيع التراثية، لكن شهرتهم ظلت ضمن نطاق الوطن. وأنت بدأت في العام 1994، وخلال فترة قصيرة حققت نجاحاً باهراً ونلت شهرة واسعة داخل وخارج الوطن، واشتهرت خاصة برسم الشبابيك والأبواب، وبات اسمك مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بالفن التراثي اللبناني. ما هو سرّ هذا النجاح برأيك؟
برأيي عوامل مختلفة تساهم في نجاح الفنان ووصوله إلى الناس. بالنسبة إلي إنّ المواضيع التي رسمتها قد ميّزتني عن غيري. رسمت الشبابيك والأبواب والشرفات القديمة، واشتغلت على خلق تقنية خاصة بي في مزج الألوان وتشكيلها على “الكنفاس”، فتبدو اللوحة وكأنها منحوتة على الكنفاس. هذه الأمور نالت إعجاب الناس، الذين قدّروا أعمالي كثيراً وتهافتوا عليها.
أود أن أنوه هنا بتذوق اللبنانيين عامة للفن التشكيلي، فشعبنا بغالبيته يقدّر فن الرسم، وخاصة الفن الذي ينقل التراث اللبناني، وأقول هنا أني محظوظ لأني ولدت في منطقة جغرافية ذواقة للفن.
وأيضاً هنالك عامل مهم ساهم في نجاحي، وهو اهتمام الإعلام المرئي، المكتوب، والمسموع بفنّي، ومواكبتهم لنشاطاتي الفنية. نحن في زمن يسهل فيه الانتشار، فتطور طرق التواصل التي سهلت الوصول داخلياً وعالمياً. وكوني ولدت في هذه الحقبة من التاريخ فتح أمامي فرصاً أكبر للوصول والنجاح. وطبعاً هذا الأمر لم يكن متوفراً في الماضي.
3- الكثير ممن يشاهد لوحاتك يتأثر ويدمع، كيف يمكن للفنان أن ينقل هذا الإحساس إلى المتلقي؟
أعتقد أن مواضيع لوحتي تصيب من يشاهدها في صميمه. فمثلا عتبة الباب “المبرية”، أو الشباك المكسور، أو صورة مسنٍ تركت الحياة آثارها على وجهه وعلى شعره الأبيض، أو سيارة التاكسي اللبناني، كلها مواضيع تحرّك وجدان اللبناني المقيم والمهاجر.
وحين يكون الفنان نفسه قد اختبر الآلام الإنسانية، فهو تلقائيًا سينقل هذه الأحاسيس إلى الناس من خلال لوحته، وهذا ما يميّز اللوحة الفنية عن الصورة الفوتوغرافية.
قصة كلفيان مع الأمير فاروق أبي اللمع
4- بداية شهرتك انطلقت مع الأمير فاروق أبي اللمع الذي أعجب بفنك واقتنى لوحاتك. هل يمكن أن تخبرنا عن هذه المرحلة؟
كان قصر الأمير فاروق أبي اللمع بجوار البناء المتواضع حيث كنا نقطن أنا وأهلي في الطابق الأرضي. كان عمري 16 سنة، وكنت أرسم في فسحة لشقتنا مطلة على الطريق. وكان الأمير يمرّ يومياً من أمام بيتنا، وفي أحد الأيام كنت أرسم خارجاً كالعادة، فأوقف سيارته ونزل ليتفرج على لوحتي. فتأملها، وشجعني ثمّ غادر.
بعد قليل بعث إلي بمرافقيه وقالوا لي إن الأمير يطلب أن أحمل لوحاتي كلّها وأذهب إليه. فحملتها وذهبت إلى قصره، وإذ به يشتري كل اللوحات، وطلب مني أن أرسم المزيد من اللوحات الجميلة.
هكذا صرت أرسم اللوحات وهو يشتريها ليهديها لمعارفه الذين هم شخصيات سياسية وإعلامية واجتماعية بارزة. حتى أنّي أقمت بعض المعارض في قصره، فارتبط اسمي باسمه، واشتهرت عن طريق الأمير، فكانت انطلاقتي قوية. وانا أشكر الله لأنه أرسل من قدّر موهبتي وأعمالي ودعمني لأصبح مشهوراُ. وهكذا صار مهماً جداً بالنسبة للعديد من الشخصيات والمشاهير أن يقتنوا لوحة من لوحات كلفيان. ومن هنا تعزز تقديري لفني، وعرفت أني قادر أن أصل إلى جميع الناس مهما علا شأنهم من خلال الموهبة التي قدّرني الله عليها.
5 – تقول إنك تنحت اللوحة، بالألوان الزيتية وتستعمل معدات خاصة مثل المسامير والشفر والدبابيس… بعد كل هذه السنين في حقل الفن التشكيلي، ما الذي تطور اليوم في تقنيتك وفي أسلوبك وفي فنك بشكل عام؟
مع مرور الوقت والتمرس اليومي لا بدّ للتقنية من أن تتبلور، وأن يصبح الفنان مخضرماً و”عتيقاً” كما نقول، فيشكل بصمته الخاصة وخطه الذي يتميز به. وأنا اشتهرت ونجحت بالمواضيع التي قدّمتها في فني وأهمها الشبابيك والأبواب، وطبعاً بتقنيتي الخاصة التي صرت أمتلكها وأبدع فيها، وأسيطر عليها بشكل كامل.
كلفيان ومدينة الحرف
6 – جسّدت في لوحاتك مشاهد كثيرة من مدينة جبيل، المدينة التي أغنت مخيلتك كفنان بالكثير من المواضيع والمشاهد الفنية لحقبة زمنية معينة من تاريخ لبنان. حدثنا عن علاقتك بمدينة الحرف وهذه الحقبة التاريخية التي تظهر جلياً في لوحاتك.
سبق وذكرت بأنني أعتبر نفسي محظوظاً جداً لأنني ولدت في هذه الحقبة التاريخية من الزمن، وفي هذه البقعة الجغرافية الغنية جداً بالطبيعة المميزة والشطوط الرائعة والآثار التي عمرها آلاف السنين. مدينة جبيل ترعرعت بشوارعها، وشاهدت جمال صخورها ومعالمها وطبيعتها، وناسها، وأعرف كل زاوية فيها … وأحبّها جداً. فالمكان الذي يولد فيه الفنان له تأثير كبير على وجهة فنّه.
ومواضيع لوحاتي تعالج مشاهد في لبنان من القرن الماضي، مثلا سيارة التاكسي، أو المسن الذي يشرب من الإبريق، أو القطار، البيت اللبناني والقرميدي… هذه المرحلة التي هي قبل لبنان الحديث، والتي نحن إليها جميعاً.
7 – لماذا عتبة الباب اليمنى دائماً “مبرية” في لوحاتك؟
غالباً في الأبواب القديمة ما يكون غال الباب على اليمين، وتبقى اليسرى ثابتة، والعتبة تبرى مع مرور الزمن نتيجة للدخول والخروج إلى البيت. وهذا مشهد مألوف لدينا في عتبة البيوت الأثرية، والبيوت المفتوحة للجميع هي من صلب أصالتنا اللبنانية.
8 – لديك محترف فني في جبيل تمضي معظم يومك فيه، كم ساعة في النهار تخصص للرسم؟ وما هو عدد اللوحات التي رسمتها حتى اليوم؟
لا يمكنني أن أحدد عدد الساعات، أرسم حين يقودني الشغف للرسم ولمزج الألوان وبناء اللوحة. ولكن يمكنني أن أقول بأني أرسم كثيراً وأمضي معظم وقتي في الرسم. كما أني خلال النهار أخصص وقتاً لاستقبال الزائرين في محترفي، ويكون ذلك ضمن مواعيد محددة مسبقاً.
أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فيصعب تحديد عدد اللوحات التي رسمت وانتشرت في كل أقطار الأرض، والتي اشتراها اللبنانيون في لبنان وفي الاغتراب وكذلك أشخاصا من جنسيات عديدة، من بينهم يابانيون، صينيون، عرب، وأوروبيون.
9 – أي شق من عملك يزعجك؟ هل هم كسب المال غيّر وجهتك الفنية؟
في البدايات كنت أنزعج حين أضطر لرسم لوحات تطلب مني من أجل كسب المال. لكن مع الوقت وبعد أنا صنعت اسماً، صرت أرفض الامر في حال لم أحس بالموضوع، لأنني أعرف أنني قادر على إنجاز أي رسمة، لكنني لست قادراً على نقل أحاسيسي في أي موضوع.
10 – كيف تحدد الثمن للوحتك، وهل مع مرور الزمن ترتفع الأسعار؟
أعتمد على أمرين لتحديد سعر اللوحة، أولاً خبرتي كفنان مخضرم اليوم، وثانياً العرض والطلب.
عادة البيع سهل لكن الإنتاج يتطلب وقتاً، فحين يكون الطلب كبيراً بطبيعة الحال سيرتفع السعر. لكن هذه السنة كان الوضع مختلفاً، لم يسبق أن تتكدس عندي الأعمال إلا هذه السنة، نتيجة لكل ما نمرّ به. وأنا أقول دائما أني ما زلت موجوداً في هذه الحياة، وطبعا سعر لوحاتي مقبولاً، لكن بعد أن يرحل الفنان ترتفع أسعار لوحاته، فمن أراد لوحة، من الأفضل أن يمتلكها اليوم بسعر مقبول.
صورة لبنان في لوحتي
11 – إذا طلب منك أن ترسم لوحة عن لبنان اليوم، ماذا سترسم فيها، وأي ألوان قد تستعمل؟
لوحتي عن لبنان أمس أو اليوم أو غداّ ستحكي دوماً عن الإنسانية، والفرح، والحنين إلى الماضي. وأنا لن أرسم يوماً مأساة لبنان، لأنها تحزنني، وأنا أتجنب الحزن، أنا انسان إيجابي بطبيعتي، مهما ساءت الظروف من حولي، أتوق دوماً إلى خلق أجواء من الفرح والإيجابية.
12 – مشاهد بيروت المدمرة بعد الانفجار أبكت العالم، هل يمكن لهذا المشهد الأليم أن يجعل أندريه كلفيان يبدأ بمجموعة خاصة؟
مشهد مرفأ بيروت ومدينتي المدمرة وشهدائها الأبرياء ومنازلها التراثية المهدمة، وكل هذا الألم والخراب لن أرسمه في أي من لوحاتي. مشاهد بيروت في مخيلتي ستبقى جميلة وألواني فرحة وتحمل الأمل. المواضيع التي أرسمها قد تكون حزينة أحياناً كشباك مكسور، أو باب زال عنه الطلاء، ولكنها مشاهد حضارية تحمل الأمل والحنين إلى زمن جميل.
13 – شاركت في شهر تشرين الأول بمعرض الجميزة، ما كان وقع هذا المعرض على بيروت المدمرة الحزينة؟
لمنطقة الجميزة الأشرفية مكانة خاصة في قلبي كما لجبيل، وأنا كنت عضواً في اللجنة الفنية لجمعية إنماء الجميزة، وكان رئيسها جوزف رعيدي من المتذوقين للفنون وهو صديق عزيز. كنا نقوم بمعارض درج الجميزة كل سنة، وأنا كنت أشارك دائماً في هذه المعارض.
هذه السنة شاركت بمعرض الجميزة بناء لدعوة الفنان التشكيلي ميشال روحانا، رئيس جمعية الفنانين للرسم والنحت. لكن هذه السنة غلب على المعرض الحزن، وضعنا لوحاتنا وسط دمار وزجاج بيروت، وجوه الناس الحزينة من حولنا أحزنتني كثيراً، وكان هذا المعرض بمثابة دعوة للعودة إلى الحياة. وأعتقد أنّ حضورنا أحدث فرقاّ في نفوس السكان، وكان لفتةً أتت إليهم بالتعزية والأمل بغد أفضل.
عن الجذور الأرمنية
14 – هل جذورك الأرمنية أثرت في فنك؟
أنا أعشق لبنان، ورغم ذلك في داخلي حنين إلى أرمينيا، فجذور عائلتنا أتت من تلك الأرض. وأعتقد أنّ هذا الحنين إلى تلك الجذور قد غذى بداخلي هذه الثورة الفنية، وزادني مثابرة وقدرة على العطاء، ومسح لوحاتي بحنين إلى الأصالة والجدور. لبنان وأرمينيا بلدان لهما تاريخ غني جداً، لكن لسوء الحظ أنّ شعبيهما قد ظلما وعاشا الكثير من الصراعات. وأنا رغم كل شيء فخور لأني أحمل الجنسيتين.
15 – بدأت في العام 2021 برسم مجموعة جديدة وهي الكنائس الأرمنية. هل يمكن أن تحدثنا عن ذلك؟
موضوع كنائس أرمينيا كان ببالي منذ سنين، وكنت بسبب الانشغال أؤجله. وقد زرت أرمينيا في العام 2019، وأحسست بأهمية الموضوع، وأهمية أن أخصص له اهتماما كبيرا. فأرمينيا هي مهد الكنيسة الأولى، وبما أن السياحة لأرمينيا ترتكز أولاً على زيارة كنائسها، وعددها كبير وكل منها قلعة أثرية، قررت أن أباشر العمل.
16 – شاركت قبل وباء كورونا بالعديد من النشاطات التربوية الفنية في المدارس والجامعات، حدثنا عن أهمية هذه الزيارات؟
نعم فهي زيارات ثقافية، وهذا أمر يفرحني جداً. فأنا أزور المدارس والجامعات بدعوات من المسؤولين فيها لأعرّف الطلاب والتلاميذ على فني. فنتناول مواضيع الفن وسر النجاح عند الانسان، والصبر والطموح، واشارك معهم لقطات عن مراحل حياتي وأيضاً أعرض لوحاتي، والعديد من التلاميذ قد اشتروا منها.
17 – ماذا عن النسخ الخاصة بفنك؟
ما زاد انتشاري أيضاً هو نسخ غير أصلية للوحاتي على “الكنفاس”، والتي أشرف بنفسي على تنفيذها. وهي تباع بأسعار في متناول الجميع. وقد بدأت الفكرة ببطاقات بريدية، ثم تبلورت إلى أن أصبحت نسخاً عن لوحات أصلية. أسعارها بمتناول الجميع. وفئة الشباب العمرية هم أكثر من يحب اقتناء هذا النوع من اللوحات، وخاصة الشباب المغترب، ليحملوا معهم صورة فنية عن لبنان وطنهم.
18 – نلت العديد من التكريمات، وجائزة BIAF 2018 ولٌقّبت بفنان المغتربين، وهو لقب أحببته وتعتز به، ماذا أضاف إليك هذا اللقب؟
هذه الجوائز نلتها نتيجة تقدير الآخرين لفني ومن دون جهد منًي. وجائزة بياف أيضاً تقديراً لمسيرتي كفنان سنة 2018. وبالنسبة للقب فنان المغتربين فهو عزيز علي كثيراً. وأنا أعتبر نفسي فنان كل مغترب في العالم أكان لبنانياً أو من أي جنسية أخرى… خلال مسيرتي التقيت العديد من الأشخاص من جنسيات مختلفة أميركية أو يابانية أو إيطالية… يقفون أمام لوحاتي ويقولون لي: “هذا باب بيتي” أو “هذا شباك بيتي”…
وأعتز أيضاً بتكريم مهمة جداُ بالنسبة إلي نلته من مدرسة اليسوعية، وهي مبادرة قامت بها الأخت كارولين مع إدارة المدرسة، بمناسبة مرور 100 سنة على المجازر بحق الأرمن، فقد سموا صالة المحاضرات باسمي.
وأيضا جامة هياغزيان العريقة، بمناسبة اليوبيل الخمسين لتأسيسها طلب مني القيمون عليها أن أكون ضيفاً مدة سنة كاملة في العام 2005 حيث عرضت لوحاتي، وتعرّف العديدون على فني، وهذا ساهم في انتشار فني عالمياً.
مرحلة مؤلمة بسبب خطأ طبي
19 – كعائلة مررتم بمرحلة ألم كبير نتيجة لحالة ابنك البكر كافن الصحية والذي فارق الحياة، هل يمكن أن تشاركنا ماذا غيرت فيك هذه التجربة؟
كافن كان المولود الأول في عائلتنا أنا وجويل زوجتي. وما حدث أن مشكلة طبية تسببت لديه بخلل في خلايا الدماغ منذ الولادة. ولم يكن الأمر سهلاً عليّ وعلى زوجتي. فتكاتفنا لمواجهة هذه المرحلة… واكبنا أدق التفاصيل مع الأخصائيين وجمعية سيزوبل، وتعاملنا مع المشكلة بأكبر قدر ممكن من الصبر والفرح، فصرنا قدوة لعائلات كثيرة تعاني من مشاكل مشابهة، وطلب منا في أماكن كثيرة أن نشارك بشهادتنا. فقدمنا الكثير من التعزية لعائلات كثيرة. وبعد فترة رزقنا بطفلين آخرين كريس وكارل، وعاش كافن بيننا حتى الرابعة عشرة، ثمّ فارق الحياة.
وكان لهذا الموضوع تأثير كبير على فنّي، فمشكلة كافن شكلت بداخلي نوعاً من الثورة على الحياة، وترجمت هذه الثورة بداخلي بأعمال فنية كثيرة، ونتج عن ذلك تحول كبير في مسيرتي الفنيّة.
20 – ما هي نصيحتك للفنانين الشباب اليوم في زمن كورونا؟
أولاً أقول لهم إنّ حب الفن هو بحد ذاته علاج نفسي خاصة في زمن كورونا ووضع لبنان الحالي. لكن بشكل عام يجب على الفنان الشاب أن يضع هاجساً أمامه يمشي باتجاهه وهو إيجاد تقنيته ومدرسته الخاصة به. في البدايات لا بدّ من أن ينقل عن غيره الى أن يجد طريقه. ولمن يقول إن الفنان يبقى فقيراً، هذا غير صحيح، فأنا أقول إنّ الفنان يعيش حياة جميلة فهو إنسان سعيد لأنه يستمتع بأعماله.
21 – لو لم تكن فناناً ماذا كنت ستكون؟
منذ طفولتي كنت أرسم على الورق، وأفرح حين أرى دهشة الأهل والجيران والأصدقاء حين يشاهدون رسماتي. عرفت أن لدي موهبة ولكن لم أعرف ما أفعل بها. وشاء القدر أن لا أكمل تعليمي، ففكرت بأن أدخل مجال الرياضة، وصرت لاعباً محترفاً في كرة الطائرة، وكنت أعلّم السباحة وكرة الطائرة، لكن الرياضة لم تعطني الفرص التي أعطاني إيّاها الفن.
أنا لم أتخصص بفن الرسم في جامعة أو مدرسة ولكن قمت بأبحاث وجهود فردية من خلال كتب تعلّم قواعد فن الرسم، وقد اشتريت العديد منها، وحاولت تطبيق كل ما قرأته. وحين دخلت مرّة الى معهد قال لي الأساتذة أني لست بحاجة لتعلم قواعد الرسم، لأنني كنت أعرفها. وهكذا انطلقت.
22 – ما هو حلم أندريه كلفيان الذي لم يتحقق بعد؟
الحياة أعطتني أكثر مما تجرأت أن أحلم به يوماً. أحلامنا تبقى محدودة إنما عطاءات الحياة غير محدودة. ونحن كالموج الذي حين يصل إلى الشاطئ يتلاشى فيأتي غيره…
Leave A Comment